الأحد، 25 أكتوبر 2009

الكفار ينصبون في الآخرة .لأبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

الكفار ينصبون في الآخرة .

لأبي عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري


قرأت في التفاسير وسمعت في عدد من المجالس تفسير قوله تعالى في سورة الغاشية :

وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نار حامية .

ان المراد الذين عملوا ونصبوا أي تعبوا في الدنيا على غير دين الإسلام كالرهبان

وهو أحد الاحتمالات التي يذكرها المفسرون ، وكنت استذكر هذا الرأي في نفسي وأكع عنه ، لأن الله لا يعذب الرهبان بعملهم ونصبهم في تحري الحق وهو على باطل بل يرد عملهم ويسقطه .

وإنما يعذبهم بتكذيبهم بالإسلام ونبيه ومحاربتهم للدين الناسخ وتقصيرهم في تمحيص الحق من الباطل غير اللائق بالله ورسوله وشرائعه.

وكانت السلامة بتحري الظاهر التي أثبتت أن المراد خشوع وعمل ونصب يكون للكفار في الآخرة لا في الدنيا

والظواهر من وجوه:

أولها : ظاهرة الآية الكريمة نفسها ، وهو ظاهر زمني يتحدد بقوله تعالى : ( يومئذ ) وهو الغاشية أي يوم القيامة .

فالتقدير الظاهري خاشعة عاملة ناصبة في يوم القيامة .

والثاني : الظاهرة من معهود القرآن الكريم في غير هذه السورة كقوله تعالى في سورة القمر : ( خشعا ً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر .

فيوم الخروج من الأجداث هو يوم القيامة ، وهو وقت خشوع أبصار الكفار .

الثالث : ظواهر الإمكان بمعنى أنه لا يوجد ما يمنع من حصول الخشوع والعمل والنصب للكفار يوم القيامة .

والرابع : ظواهر تصحيح بمعنى أن حصول النصب في الدنيا يمكن تصور حصوله للكفار في الدنيا .

ومأخذ ذلك من قوله تعالى عن أهل الجنة في سورة الحجر :( لا يمسهم فيها نصب )

فهذا يوحي بأن الكفار ينصبون في النار

قال أبو عبدالرحمن :

كيف ينصبون ، وهم يعالجون السلاسل والأغلال وصنوف العذاب ، والتنقل من عذاب إلى عذاب .

قال أبو عبدالرحمن : والظاهران الأخيران دليلا تصحيح ، والظاهران الأولان دليلا ترجيح : أي تعيين لمراد المتكلم


وكتب

ابو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري

المصدر : جريدة الجزيرة بعنوان وجاء دور الحلقونات

يوم السبت 5 / جمادى الآخرة 1411 هـ الموافق 22/ كانون 1 / ديسمبر 1990

العدد رقم 6659

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق